للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلى ما وَرَدَ. وعلى هذا؛ فلو صَلَّى الإنسانُ عشرَ ركعات بخمس تسليمات؛ صارت التاسعة والعاشرة تطوُّعاً مطلقاً لا مِن صلاة ضُحى.

والصَّحيح: أنه لا حَدَّ لأكثرها؛ لأنَّ عائشة قالت: «كان النبيُّ يُصَلِّي الضُّحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله» أخرجه مسلم (١)، ولم تُقَيِّد، ولو صَلَّى مِن ارتفاع الشَّمس قيدَ رُمْحٍ إلى قبيل الزوَّال أربعين ركعة مثلاً؛ لكان هذا كلّه داخلاً في صلاة الضُّحى، ويُجاب عن حديث أُمِّ هانئ بجوابين:

الجواب الأول: أن كثيراً من أهل العلم قال: إن هذه الصَّلاة ليست صلاة ضُحى، وإنما هي صلاة فتح، واستحبَّ للقائد إذا فتح بلداً أن يُصَلِّي فيه ثمان ركعات شكراً لله ﷿ على فتح البلد؛ لأن من نعمة الله عليه أن فتح عليه البلد، وهذه النِّعمة تقتضي الخشوع والذُّل لله والقيام بطاعته، ولهذا لا نعلم أن أحداً فتح بلداً أعظم من مَكَّة، ولا نعلم فاتحاً أعظم من محمَّد ، ومع ذلك دخل مكَّة ـ حين فتحها ـ وقد طأطأ رأسه ، وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً *﴾ [الفتح] يُرجِّعُ فيها (٢)، أي: كأنه يردِّدُ الحرف مرَّتين، وهذا من كمال تواضعه ؛ لأن من أكبر النِّعم أن يفتحَ اللهُ بلدَ أعدائِك على يَدِك قال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ


(١) أخرجه مسلم، الموضع السابق (٧١٩) (٧٨).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب أين ركّز النبي الراية يوم الفتح (٤٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>