بها بالقلب، والقيامُ بطاعة المُنْعِمِ بالجوارح. وعلى هذا قال الشَّاعرُ:
أفادتكم النَّعماءُ مِنِّي ثلاثة
يدي ولساني والضَّمير المحجَّبا
فـ «يدي»: الجوارح. «ولساني»: اللسان. «والضمير المحجب» هو القلب. فتعتقد بقلبك أن النِّعمة مِن الله، وتنطق بذلك بلسانك كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ *﴾ [الضحى]، وتشكر الله بجوارحك فتقوم بطاعته، ولهذا فَسَّرَ بعضُ العلماء الشُّكرَ: بأنه طاعة المنعم.
ويؤيِّدُه قولُ النبيِّ ﷺ:«إن الله أمَرَ المؤمنين بما أمرَ به المرسلينَ»، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾، وهناك نوعٌ خاصٌّ من أنواع الشُّكر، وهو سُجود الشُّكر.
قوله:«عند تجدد النعم». أي: عند النِّعمة الجديدة، احترازاً مِن النِّعمة المستمرَّة، فالنِّعمة المستمرَّة لو قلنا للإنسان: إنه يستحبُّ أنْ يسجدَ لها لكان الإنسانُ دائماً في سُجود، لأن الله يقول: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤]، والنعمة المستمرَّة دائماً مع الإنسان فسلامةُ السمعِ، وسلامةُ البصرِ، وسلامةُ النُّطقِ، وسلامةُ الجسم، كلُّ هذا مِن النِّعَمِ.
والتنفُّس مِن النِّعَم وغير ذلك، ولم تَرِدِ السُّنَّة بالسُّجود لمثل ذلك، لكن لو فُرِضَ أنَّ أحداً أُصيب بضيق التنفُّس؛ ثم فَرَّجَ الله عنه؛ فَسَجَد شكراً لله؛ كان مصيباً؛ لأنَّ انطلاق نَفَسِهِ بعد ضيقه تجدّد نعمة.