للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلَّةٌ أخرى أصرحُ مِن هذا، تدلُّ على وجوب صلاة الجماعةِ في المسجدِ. والقاعدة الشرعية عندنا: أنه إذا وُجِدَ دليلٌ مشتبهٌ ودليلٌ مُحكمٌ لا اشتباه فيه، فالواجبُ حَمْلُ المشتبه على المحكم.

فالنصوص: تدل على أنه لا بُدَّ مِن الحضور في المسجد، مثل حديث أبي هريرة أنَّ الرسول قال: « … ثم أنْطَلِقَ إلى قومٍ لا يشهدون الصَّلاةَ؛ فأحرِّقَ عليهم بيوتَهُم بالنَّار» (١) مع أنَّ القومَ يمكن أن يصلوا جماعة في مكانهم، فجعل تخلُّفهم سبباً لإحراقهم بالنار، الذي هَمَّ به .

ومنها أنَّ النَّبيَّ : لما استأذنه الرَّجُلُ الأعمى أنْ يُصلِّيَ في بيتِهِ؛ أَذِنَ له؛ ثم دعاه، فقال: «هل تسمعُ النداءَ؟» قال: نعم، قال: «فأجِبْ» (٢) ولم يقل: انظر مَن يصلّي معك وصَلِّ في بيتك.

فالصحيح في هذه المسألة: أنه لا بُدَّ مِن حضور المسجد لصلاة الجماعة. لكن لو صَلّى في بيته ظاناً أنَّ الناسَ قد صلّوا بناءً على العادة، ثم تبيَّن أنهم لم يصلوا لم يلزمه الحضور إلى المسجد؛ لأنَّه أدَّى الفريضة.

فاسْتَثنى المؤلِّفُ ـ مما لا يَجوزُ في وَقْتِ النَّهي ـ ثلاثَ مسائلٍ:


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة (٦٤٤)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة الجماعة (٦٥١) (٢٥١).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب يجب إتيان المسجد على مَن سمع النداء (٦٥٣) (٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>