للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «لا صَلاةَ بعد العصر حتى تغيبَ الشَّمسُ» (١) فيه عمومٌ، وفيه خصوصٌ.

فيه عمومٌ في الصَّلاةِ في قوله: «لا صَلَاةَ» لا تحيَّةَ مسجدٍ ولا غيرَها، وفيه خُصوصٌ في الوقت «بعدَ العصرِ» فصار عمومُ الوقت في قوله: «إذا دَخَلَ أحدُكم المسجدَ». وخصوصُ الوقت في قوله: «بعدَ العصرِ» وصار عمومُ الصَّلاةِ في قوله: «لا صلاة بعدَ العصرِ» وخصوصُ تحيَّةِ المسجدِ، فلهذا صار بينهما عمومٌ وخصوصٌ، فإذا دَخَلَ إنسانٌ المسجدَ بعدَ العصرِ فإنْ قلتَ له: «صَلِّ» خالفتَ النَّهيَ ووافقتَ الأمرَ، وإن قلت: «لا تصلِّ» وافقتَ النَّهيَ وخالفتَ الأمْر، فالمؤلِّفُ يقول: وافق النَّهي فلا تُصَلِّ.

والحجةُ في ذلك: أنه اجتمعَ مُبيحٌ وحاظرٌ، أو اجتمعَ أمْرٌ ونهيٌ، فالاحتياطُ التجنُّبُ خوفاً مِن الوقوع في النَّهي، كما قالوا: إذا اجتمعَ مبيحٌ وحاظرٌ قُدِّمَ الحاظرُ، فلذلك نمتنعُ ونقتصرُ على ما وَرَدَ به النَّصُّ مِن إعادةِ الجَمَاعةِ وركعتي الطَّواف وما أشبههما.

وذهبَ بعضُ أهلِ العِلْم: إلى ترجيحِ الأمرِ الخاصِّ.

وعلّلوا ذلك: بأنَّه تعارضَ عامَّان وخاصَّان، والعامُّ في النَّهي مخصوصٌ بمسائلٍ متفقٍ عليها.

فالعامُّ في النَّهي: «لا صلاةَ بعدَ العصرِ حتى تغربَ الشَّمسُ» مخصوصٌ بمسائلٍ متَّفقٍ عليها، وهي قضاءُ الفرائضِ، وإعادةُ الجماعةِ، وفِعْلُ ركعتي الطَّوافِ، وركعتي تحيَّةِ المسجدِ لمَن دَخَلَ


(١) تقدم تخريجه ص (١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>