للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أدلة من قال إنَّ صلاة الجماعة فَرْضُ عَيْنٍ، وهي أدلَّةٌ مَن اطَّلعَ عليها لم يسعه القول بغير هذا.

وقال بعض العلماء: إنها فرض كفاية.

وقال آخرون: إنها سُنَّةٌ.

واستدلَّ مَن قالَ بأنَّها سُنَّةٌ بقوله : «صَلاةُ الجَماعةِ أفضلُ مِن صَلاةِ الفَذِّ بسَبْعٍ وعِشرينَ دَرجةً» (١) فقالوا إنه قال: «أفضل» والأفضل ليس بواجب.

ولكن هذا الاستدلالُ ضعيفٌ جداً؛ لأنَّ المرادَ هنا: بيانُ ثوابِ صلاةِ الجماعةِ، وأنَّ أجرَها أفضلُ وأكثرُ، لا حُكمَ صلاةِ الجماعةِ، وذِكْرُ الأفضليَّة لا ينفي الوجوب.

ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنَجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *﴾ ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [الصف: ١٠ ـ ١١] يعني: أخْيَر وأفضل، فهل تقولون: إن الإيمانَ بالله والجهاد في سبيله سُنَّةٌ؟ لا أَحَدَ يقول بذلك.

وهل تقولون: إنَّ صلاة الجُمُعة سُنَّة، لأنَّ الله قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *﴾ [الجمعة].

الجواب: لا أَحَدَ يقول بأنَّ صَلاةَ الجُمُعة سُنَّةٌ.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة (٦٤٥)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة الجماعة (٦٥٠) (٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>