للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الصحابةُ وافقوا عُثمانَ في زيادةِ الصَّلاةِ، في نَفْسِ ركعاتها، حيث أتمَّ الصلاةَ الرباعية في مِنَى يقصر فكيف بزيادة صلاة مستقلَّة؟ فالصَّحابةُ تابعوا عُثمانَ حينما أتَمَّ الصَّلاةَ في مِنَى، والمعروفُ مِن سُنَّةِ الرَّسول وسُنَّةِ أبي بكرٍ، وسُنَّةِ عُمرَ، وسُنَّةِ عُثمانَ، ثمان سنوات أو ست سنوات مِن خِلافتِهِ أنَّهم كانوا يصلُّون في مِنَى ركعتين، وفي آخرِ خِلافةِ عُثمانَ صار يصلِّي أربعاً، حتى إنَّ ابنَ مسعود لما بلغه ذلك استرجع، وقال: «إنَّا لله، وإنَّا إليه راجعون» فجعلَ هذا أمراً عظيماً، ومع ذلك كانوا يصلُّون خَلْفَه أربعَ ركعات مع إنكارهم عليه، كلُّ هذا مِن أجلِ دَرْءِ الخِلافِ حتى قيل لابن مسعود: يا أبا عبدِ الرحمن، كيف تُصلِّي أربعَ ركعات، وأنتَ تُنكرُ هذا؟ فقال: «إن الخلاف شر» (١)، وهذا هو الحقُّ الذي أمَرَ اللهُ به، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [المؤمنون: ٥٢] وقال: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣] وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩]. فالأمةُ الإسلاميةُ أمةٌ واحدةٌ، وإنِ اختلفتْ آراؤها، فيجبُ أن يكون مظهرُها واحداً لا يختلفُ؛ لأنَّ الأمةَ الإسلاميةَ لها أعداء يعلنون العداوةَ صَراحةً، وهم الكفَّارُ الصُّرحاءُ مثل اليهود والنَّصارى والمجوس والوثنيين والشيوعيين وغيرهم.

ولها أعداءٌ يُخفُونَ عداوتَهم مثل المنافقين، وما أكثرُ المنافقين في زماننا، وإنْ كانوا يتسمَّونَ باسم غير النِّفاق، كحزبٍ


(١) أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب الصلاة بمنى (١٩٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>