للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «فعليه» «على» تفيدُ الوجوبَ. أي: يجبُ عليه أنْ يرجعَ ليأتيَ به بعدَه، وإنَّما وجبَ عليه الرُّجوعُ مِن أجلِ المتابعةِ، لأنَّه إذا رَجَعَ أتى به بعدَ إِمامِهِ، وهذا الرُّكوعُ أو السُّجودُ الحاصلُ قبلَ رُكوعِ الإِمامِ أَو سجودِه غيرُ مُعْتَدٍّ به شرعاً؛ لأنَّه في غيرِ محلِّه، فإنَّ النَّبيَّ يقول: «إذا رَكَعَ فاركعوا، وإذا سَجَدَ فاسجُدوا» (١) فإذا رَكَعَ قبلَه أو سَجَدَ بعدَه فقد أتى به في غيرِ موضِعه، فيكون ملغًى، ولهذا أوجبنا عليه الرُّجوعَ ليأتي به بعدَ الإِمامِ.

وعُلِمَ مِن فحوى كلامِ المؤلِّفِ: أنَّ هذا العملَ محرَّمٌ أي: أن يركعَ المأمومُ قبلَ الإِمامِ، أو أنْ يسجدَ قبلَ الإِمامِ، وهو كذلك.

ودليلُ هذا: قولُ النَّبيِّ : «لا تركَعُوا حتى يركعَ، ولا تسجدُوا حتى يسجدَ» (٢) والأصلُ في النَّهي التحريمُ، بل لو قال قائلٌ: إنَّه مِن كبائرِ الذُّنوبِ لم يُبْعِدْ؛ لقولِ النَّبيِّ: «أما يخشى الذي يرفعُ رأسَه قبلَ الإِمامِ أن يُحَوِّلَ اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ، أو يجعلَ صورتَه صورةَ حِمارٍ» (٣) وهذا وعيدٌ، والوعيدُ مِن علاماتِ كون الذَّنْبِ مِن كبائرِ الذُّنوبِ، وعلى هذا؛ فنقولُ: إنَّ هذا الرَّجلَ فَعَل كبيرةً مِن كبائرِ الذُّنوبِ المتوعَّدِ عليها بأن يُحَوِّلَ اللهُ رأسَه


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٦٨).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٣٤١)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يصلي مِن قعود (٦٠٣).
(٣) تقدم تخريجه (٣/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>