للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بقيةُ الأقوالِ: فلا يؤثِّرُ أن توافق الإِمامَ، أو تتقدَّم عليه، أو تتأخَّرَ عنه، فلو فُرِضَ أنك تسمعُ الإِمامَ يتشهَّدُ، وسبقتَه أنت بالتشهُّدِ، فهذا لا يضرُّ لأن السَّبْقَ بالأقوالِ ما عدا التَّحريمةِ والتسَّليمِ ليس بمؤثرٍ ولا يضرُّ، وكذلك أيضاً لو سبقتَه بالفاتحة فقرأت: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة] وهو يقرأ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *﴾ [الفاتحة] في صلاةِ الظُّهرِ مثلاً، لأنه يُشرعُ للإِمامِ في صلاةِ الظُّهر والعصرِ أن يُسمِعَ النَّاسَ الآيةَ أحياناً كما كان الرسولُ يفعلُ (١).

القسم الثاني الموافقةُ في الأفعالِ وهي مكروهةٌ، وقيل: إنها خِلافُ السُّنَّةِ، ولكن الأقربُ الكراهةُ.

مثال الموافقة: لما قالَ الإِمامُ: «الله أكبر» للرُّكوعِ، وشَرَعَ في الهوي هويتَ أنت والإِمامُ سواء، فهذا مكروهٌ؛ لأنَّ الرسولَ قال: «إذا رَكع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركعَ» وفي السُّجودِ لما كبَّرَ للسجودِ سجدتَ، ووصلتَ إلى الأرضِ أنت وهو سواء، فهذا مكروهٌ؛ لأن الرَّسول نهى عنه، فقال: «لا تسجدوا حتى يسجدَ» (٢).

قال البراءُ بن عَازب: كان النبي إذا قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه» لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظهرَهُ حتى يقعَ النَّبيُّ سَاجداً، ثم نَقَعُ سجوداً بعدَه (٣).


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٢١٥).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٨١).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب متى يسجد من خلف الإمام (٦٩٠)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب متابعة الإمام والعمل بعدَه (٤٧٤) (١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>