للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه : «إذا أمَّ أحدُكم النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ» (١)، والمرادُ بالتَّخفيف: ما طابق السُّنَّةُ.

ودليل التخفيف العارض قول النَّبيِّ : «إنِّي لأدخُلُ في الصَّلاةِ، وأنا أُريد أنْ أُطَوِّلَ فيها؛ فأسمعُ بكاءَ الصَّبيِّ؛ فأتجوَّزُ في صلاتي؛ كراهيةَ أنْ أَشُقَّ على أُمِّهِ» (٢)، وفي رواية: « … مَخَافةَ أنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ» (٣).

قوله: «مع الإِتمام».

ظاهره: أن الإِتمام سنّة في حق الإِمام، والإِتمام هو: موافقة السنّة، وليس المراد بالإِتمام أن يقتصر على أدنى الواجب، بل موافقة السنّة هو الإِتمام، ولكن إذا نظرنا في الأدلة تبين لنا أن التخفيف الموافق للسنة في حق الإمام واجب.

ودليل ذلك: أن معاذ بن جبل : لما أطال بأصحابه قال له النَّبيُّ : «أتريدُ يا معاذُ أنْ تكون فَتَّاناً» (٤) يعني: صادًّا للنَّاسِ عن سبيل الله؛ لأنَّ الفِتنةَ هنا بمعنى الصَّدِّ عن سبيل الله، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ *﴾ [البروج].


(١) تقدم تخريجه (٥٢).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب من خفّف الصلاة عند بكاء الصبي (٧٠٧).
(٣) أخرجه البخاري الموضع السابق (٧٠٨).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طوّل (٧٠٥). ومسلم، كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء (٤٦٥) (١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>