للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كنتُ أصلِّي لنفسي، واقتصرتُ على الواجبِ في الأركان والواجبات، فإنَّ لي ذلك، لكن إذا كنتُ إماماً فليس لي ذلك؛ لأنَّه يجب أن أصلِّي الصَّلاةَ المطابقةَ للسُّنَّةِ بقَدْرِ المستطاعِ؛ لأنني لا أتصرَّفُ لنفسي، لكن لو فُرِضَ أنَّ المأمومين محصورون، وقالوا: يا فلان، عَجِّلْ بنا؛ لنا شُغلٌ، فحينئذٍ له أن يقتصرَ على أدنى الواجبِ؛ لأنَّ المأمومين أذِنوا له في ذلك، فكما أنَّه لو صَلَّى كلُّ واحدٍ منهم على انفرادٍ لكان له أن يقتصرَ على الواجبِ، فكذلك إذا أذِنوا لإِمامِهم، فالتخفيف الذي يُؤذن به ما وافقَ السُّنَّة، لا ما وافقَ أهواءَ النّاسِ.

فلو قرأ الإِمامُ في صلاةِ الجُمعةِ بسورة (الجُمعة) و (المنافقين) فليس مطوِّلاً؛ لأنَّه موافقٌ للسُّنَّة (١)، وكذلك أيضاً لو قرأ في صلاةِ الصُّبح مِن يومِ الجُمعةِ بـ ﴿ك ژ ـ!! ل﴾ السجدة، في الرَّكعةِ الأُولى وبـ ﴿هـ وى ي﴾ في الرَّكعةِ الثانية فهذه هي السُّنَّةُ (٢).

وقد قال أنس بن مالك: «ما صَلَّيتُ وراءَ إمامٍ قَطُّ أخفَّ صلاةٍ ولا أتمَّ مِن رسولِ الله » (٣). إذاً؛ الصَّلاةُ الموافقةُ للسُّنَّةِ هي أخفُّ الصَّلاةِ وأتمُّ الصَّلاةِ، فلا ينبغي للإِمام أنْ يطيعَ بعضَ المأمومين في مخالفة السُّنَّةِ، لأنَّ اتِّباعَ السُّنَّةِ رحمة، إنما لو


(١) أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة (٨٧٧) (٦١).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة (٨٩١)؛ ومسلم، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في يوم الجمعة (٨٨٠) (٦٥).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>