والدَّليلُ: قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] وظاهرُ هذا الدَّليلِ أنَّ الأتقى مُقدَّمٌ على كُلِّ واحدٍ ممَّنْ سَبَقَ، لأنَّه عامٌّ. ولكن؛ الاستدلالُ بهذا الدَّليلِ على أنَّ الأتقى في هذه المرتبة فيه نَظَرٌ، بل نقولُ: إنَّ الأتقى مُقدَّمٌ على مَن دونَه في التقوى، لأنه أقربُ إلى إتقانِ الصَّلاةِ مِن غير الأتقى، ومعلومٌ أنَّ إتقانَ الصَّلاةِ أَولى بالمُراعاةِ، وغير الأتقى رُبَّما يتهاون في الوُضُوءِ أو في اجتنابِ النَّجاسةِ، أو غير ذلك، فلذلك كان الأتقى أَولى مِن غيرِه لهذا المعنى.
والأتقى اسمُ تفضيلٍ، مأخوذٌ مِن التقوى، والتقوى: اتقاءُ ما يَضرُّ، فهي في الشَّرعِ اتقاءُ عذابِ اللهِ بفِعْلِ أوامرِه واجتنابِ نواهيه. على علمٍ وبصيرةٍ وقيل: إن التقوى أنْ تَدَعَ الذُّنوبَ كُلَّها، كما قال الناظم:
خَلِّ الذُّنَوبَ صغيرَهَا
وكبيرَهَا ذاك التُّقى
واعْمَلْ كماشٍ فوقَ أر
ضِ الشَّوكِ يَحْذَرُ ما يَرَى
لا تَحْقِرَنَّ صغيرةً
إنَّ الجبالَ مِنَ الحَصَى
لكن؛ المعنى الذي ذكرنا أعمُّ: وهو أنَّه اتقاءُ عذابِ اللهِ بفِعْلِ الأوامرِ واجتنابِ النَّواهي على علمٍ وبصيرةٍ.
فالمراتبُ الآن ـ على ما ذهبَ إليه المؤلِّفُ ﵀ سِتٌّ:
الأقرأُ، ثم الأَفْقَهُ، ثم الأَسَنُّ، ثم الأشرفُ، ثم الأقدمُ هِجرةً، ثم الأتقى.
والصَّحيحُ: ما دَلَّ عليه الحديثُ الصحيحُ وهي خمسٌ: