للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: «لبالغ» يُفهمُ منه أنَّ إمامةَ الصَّبيِّ للصَّبيِّ جائزةٌ، وهو كذلك، وهذا ما ذهبَ إليه المؤلِّفُ .

القول الثاني: أنَّ صلاةَ البالغِ خلفَ الصَّبيِّ صحيحةٌ.

ودليلُ ذلك: ما ثَبَتَ في «صحيح البخاري» أن عَمرَو بنَ سَلَمة الجَرْمي أمَّ قومَه وله ستٌّ أو سبعُ سنين؛ لأنه كان يتلقَّفُ الرُّكبان، وهو صبيٌّ ذكيٌّ فيحفظُ منهم القرآنَ، ولما قَدِمَ أبوه مِن عند الرَّسولِ حدَّثَهم عن النبي أنَّه قال: « … فإذا حضرتِ الصلاةُ؛ فَلْيُؤَذِّنْ أحدُكُم وَلْيَؤُمَّكُمْ أكثرُكُم قرآناً»، قال: فنظروا، فلم يكنْ أحدٌ أكثرَ قرآناً منِّي؛ لِمَا كنتُ أتلقَّى مِن الرُّكبانِ، فقدَّمُوني بين أيديهم وأنا ابنُ سِتٍّ أو سبعِ سنينَ، وكانت عليَّ بُرْدَةٌ، وكنتُ إذا سجدتُ تَقَلَّصَتْ عنِّي، فقالت امرأةٌ مِن الحَيِّ: ألا تُغَطُّون عنَّا إسْتَ قارِئِكم؟!. فاشتروا فقطعوا لي قميصاً. فما فرحتُ بشيءٍ فرحي بذلك القميصِ (١).

أما حديث: «لا تُقدِّموا صبيانكم في صلاتِكم» (٢)، فهو حديثٌ لا أصلَ له إطلاقاً، فلا يصحُّ عن النَّبيِّ .

وأما التَّعليلُ: فقد علِمْنَا القاعدةَ وهي: أنه لا قياسَ في مقابلة النَّصِّ؛ لأنَّ القياسَ رأيٌ يُخطئُ ويُصيبُ، ولا يجوز القول في الدين بالرَّأي، فإذا كان لدينا حديثٌ صحيحٌ فإنَّ الرأيَ أمامَه ليس بشيءٍ.


(١) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب مَن شهد الفتح (٤٣٠٢).
(٢) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (٧٣١٠)، وانظر: كلام الشيخ أعلاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>