«إذا صلّى قاعداً فصلّوا قعوداً أجمعون»(١) وعلى هذا؛ فإننا نصلِّي قعوداً خلفَ الإِمامِ العاجزِ عن القيامِ، سواءٌ كان ممن يُرجى زوالُ عِلَّتِهِ، أو ممن لا يُرجى زوالُ عِلَّتِه.
والدليل: عمومُ النَّصِّ، فالدليلُ عامٌّ مطلقٌ، فإذا كان عاماً مطلقاً فليس لنا أن نخصِّصَهُ ولا أن نقيّدَه؛ لأننا عبيدٌ محكومٌ علينا، ولسنا بحاكمين، وليس هناك دليلٌ يدلُّ على هذا القيد مِن الكتابِ والسُّنَّةِ ولا الإِجماعِ، فإذا انتفى ذلك وَجَبَ أن يبقى النَّصُّ على إطلاقِهِ فلا يُشترطُ أن يكونَ عجزُ الإِمامِ عن القيامِ مرجوَّ الزَّوالِ.
مسألة: إذا قال قائلٌ: إذا كان الإِمامُ شيخاً كبيراً لا يُرجى زوالُ عِلَّتِهِ لزم مِن ذلك أن يبقى الجماعةُ يصلُّون دائماً قعوداً؟
الجواب: أننا نلتزمُ بهذا اللازمِ، ما دام هذا لازمُ قولِ الرسول ﷺ، فإنَّ قولَ الرسولِ حَقٌّ، ولازمُ الحَقِّ حَقٌّ، ونحن إذا صلَّينا قعوداً مع قُدرتنا على القيامِ في جميع صلواتنا خلفَ الإِمامِ القاعدِ فقد صلَّينا بأمرِ النَّبيِّ ﷺ، فليس علينا ضَيرٌ، على أنَّ هذا لا يمكن أن يطَّرِدَ، أي: ليس كلُّ الناسِ يصلّون خلفَ هذا الإِمامِ جميع الصَّلواتِ، فقد تفوتهم الصَّلاةُ، ويصلّون فُرادى، أو مع جماعةٍ أُخرى، وقد يصلُّون في مسجدٍ آخر، وقد يُعذرون عن الحضور للجماعة فيصلُّون في بيوتهم، ولكن الأَولى أن يقوم بالإِمامةِ في هذه الحالِ مَن كان قادراً على القيامِ.