للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلِمَ فأقرَّه، ولو كان هذا أمراً لا يرضاه الله لم يُقره على فِعْلِهِ، كما قال تعالى منكراً على من يستخفون بالمعصية: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: ١٠٨].

ولهذا استدلَّ الصحابةُ على جوازِ العَزْلِ بأنَّهم كانوا يفعلونَه في عَهْدِ النَّبيِّ ، لأنَّهم كانوا يفعلون ذلك في زَمَنِ نزولِ القرآنِ، ولو كان لَا يَحِلُّ لنهاهم الله عنه (١).

ثالثاً: أنَّ النَّبيَّ كان في بعضِ أنواعِ صلاةِ الخوفِ يُصلِّي بالطَّائفة الأُولى صلاةً تامَّةً ويسلِّمُ بها، ثم تأتي الطائفةُ الثانيةُ فيصلِّي بها النَّبيُّ (٢). وهنا تكون الصَّلاةُ الأُولى للرَّسولِ فرضاً والثانيةُ نَفْلاً.

فإنْ قال قائل: هذه صلاةُ خَوفٍ فجاز للضَّرورةِ.

فالجواب: أنَّ هناك أنواعاً أخرى يحصُلُ بها المقصودُ فلا ضرورة لهذا النوع.

رابعاً: أنَّ عَمرَو بنَ سَلَمةً الجرمي كان يصلِّي بقومِهِ وله سِتٌّ أو سبعُ سنين (٣)، استناداً إلى عمومِ قولِ الرَّسولِ : «وليؤمَّكم أكثرُكم قرآناً» (٤) حيث نظروا في القومِ فلم يكن أحدٌ أقرأ منه فقدَّموه. ومِن المعلومِ أنَّ الصَّبيَّ لا فَرْضَ عليه، فالصَّلاةُ في حَقِّهِ نافلةٌ، ومع هذا أُقِرَّ والقرآنُ ينزِلُ.


(١) تقدم تخريجه ص (٢٢٦).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٩، ٤٩)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب مَن قال يصلي بكل طائفة ركعتين (١٢٤٨)؛ والنسائي، كتاب صلاة الخوف (٣/ ١٧٨).
(٣) تقدم تخريجه ص (٢٢٥).
(٤) تقدم تخريجه (٣/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>