للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ابنُ عُمرَ يَسمعُ قراءةَ الإِمام وهو يتعشَّى (١). مع أنَّ ابنَ عُمرَ مِن أشدِّ النَّاسِ تمسُّكاً بالسُّنَّةِ.

إذاً؛ إذا حَضَرَ العشاءُ فتعشَّ ولو أُقيمت الصَّلاةُ.

وهل الأكلُ بمقدارِ ما تنكسِرُ نهمتُك، أو لك أنْ تشبعَ؟

نقول: لك أنْ تشبعَ؛ لأنَّ الرُّخصةَ عامَّةٌ «إذا قُدِّمَ العَشاءُ فابدؤوا به قبل أن تصلُّوا صلاةَ المغرب».

ويُشترط أنْ يتمكَّنَ مِن تناولِه، فإنْ لم يتمكَّن بأنْ كان صائماً وحَضَرَ طعامُ الإِفطارِ، وأُذِّنَ لصلاةِ العصرِ وهو بحاجةٍ إلى الأكلِ فليس له أنْ يؤخِّرَ صلاةَ العصر حتى يُفطرَ ويأكلَ؛ لأنَّ هذا الطَّعامَ ممنوعٌ منه شرعاً، حتى لو اشتهى الطَّعامَ شهوةً قويَّةً.

ولا بُدَّ أيضاً مِن قيد آخر، وهو أنْ لا يجعلَ ذلك عادةً بحيث لا يُقَدَّم العشاءُ إلا إذا قاربت إقامةُ الصَّلاةِ، لأنه إذا اتَّخذَ هذا عادةً فقد تَعمَّدَ أن يَدَعَ الصَّلاةَ، لكن إذا حصلَ هذا بغير اتِّخاذِه عادةً فإنه يبدأ بالطَّعامِ الذي حَضَرَ، سواءٌ كان عشاء أم غداء.

قوله: «وخائف من ضياع ماله، أو فواته، أو ضرر فيه» هذا نوعٌ رابعٌ مما يُعذر فيه بتَرْكِ الجُمعةِ والجماعةِ، أي: إذا كان عنده مال يَخشى إذا ذَهَبَ عنه أن يُسرقَ، أو معه دابةٌ يَخشى لو ذهبَ للصَّلاةِ أن تنفلتَ الدَّابةُ وتضيع، فهو في هذه الحال معذورٌ في


(١) أخرجه البخاري في الموضع السابق (٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>