للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يُكتب له أجرُ الجماعةِ؛ لأننا إنما قلنا له لا تحضر دفعاً للأذية؛ كما قال النَّبيُّ : «إنَّ الملائكةَ تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم» (١).

مسألة: إذا كان فيه بَخْرٌ، أي: رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ، أو في الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه، لكن هذا ليس كآكلِ البصلِ؛ لأنَّ آكلَ البصلِ فَعَلَ ما يتأذَّى به النَّاسُ باختيارِه، وهذا ليس باختيارِه، وقد نقول: إنَّ هذا الرَّجُلَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لأنَّه تخلَّفَ بغير اختيارِه فهو معذورٌ. وقد نقول: إنه لا يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لكنه لا يأثمُ، كما أنَّ الحائضَ تتركُ الصَّلاةَ بأمره اللهِ ومع ذلك لا يُكتب لها أجرُ الصَّلاةِ فإنَّ النَّبيَّ جَعَلَ تَرْكَها للصَّلاةِ نقصاً في دينِها (٢).

مسألة: مَن شَرِبَ دُخَّاناً وفيه رائحةٌ مزعجةٌ تؤذي النَّاسَ، فإنَّه لا يَحِلُّ له أنْ يؤذيهم، وهذا لعلَّه يكون فيه فائدةٌ، وهي أنَّ هذا الرَّجُلَ الذي يشربُ الدُّخَّانَ لما رأى نفسَه محروماً مِن صلاةِ الجماعةِ يكون سبباً في توبته منه وهذه مصلحة.

مسألة: مَن فيه جروحٌ منتنةٌ، وهذا في الزَّمنِ الماضي؛ لعدم وجودِ المستشفيات، فله أن يتخلَّفَ عن الجُمُعةِ والجَماعةِ، ولكن لا نقول: إنه عُذرٌ كعُذرٍ المريض وشبهه، إلا إذا كان يتأخَّرُ عن صلاةِ الجماعةِ خوفاً مِن ازديادِ ألمِ الجُرحِ، لأنَّ الرَّوائحَ أحياناً تؤثِّرُ على الجُروحِ وتزيدها وَجَعاً، فهذا يكون معذوراً، ويدخل في قسم المريض.


(١) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو نحوها (٥٦٤) (٧٤).
(٢) تقدم تخريجه (١/ ٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>