للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا فالذين عبَّروا بقوله: «له» يريدون أنه مستحبٌّ، بل بعضُهم يرى أنَّ مَن أحرمَ بالحَجِّ وليس معه هدي أنه يجب أن يحوِّلَه إلى عُمرة ليصير متمتِّعاً.

قوله: «مستلقياً» يعني: مستلقياً على ظهرِه.

قوله: «مع القدرة على القيام» أي: هو قادر أن يقومَ، لكن قال له الطبيب: لا بُدَّ أن تصلِّيَ مستلقياً ولا تقوم، وهذا يأتي فيما لو كان المرضُ في عينِه فأُجريت له عمليةٌ، وقال له الطبيب: لا بُدَّ أن تكون مستلقياً لمدَّة كذا وكذا، وحينئذٍ نقول: صَلِّ مستلقياً ولو كنت قادراً على القيامِ، وذلك لأمرِ الطبيبِ.

قوله: «بقول طبيب مسلم» اشترط المؤلِّف لجواز الصلاة مستلقياً مع القدرة على القيام أنْ يكون عن قولِ طبيبٍ مسلمٍ فهذان شرطان: أن يكون طبيباً، وأن يكون مسلماً.

والطبيب هو: من يعالج المرضى عن معرفةٍ، والمسلمُ ضِدُّ الكافرِ، فلا بُدَّ أن يكون طبيباً، أي: حاذقاً عنده معرفة، ولا بُدَّ أن يكون مسلماً.

فَوَصْفُ الإِسلامِ يعودُ إلى الأمانةِ، ووَصْفُ الطِّبِّ يعودُ إلى القوة، وهما الرُّكنان في كُلِّ عَمَلٍ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦] قالته إحدى بنتي صاحبِ مَدْيَن، وقال عِفريتٌ مِن الجنِّ لسليمان: ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾ [النمل: ٣٩] لأنَّ الضعيفَ لا يقوم بعملٍ لضعفِهِ، والخائنُ لا يقومُ بالعملِ لخيانتِهِ، فلا بُدَّ في كُلِّ عَمَلٍ مِن هذين الركنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>