للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعة أيام يقصر الصلاة (١) فنأخذ من هذا أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام فإنه يقصر لفعل النبي ، ونحن نعلم علم اليقين أن الرسول قد عزم على أن يبقى هذه الأيام الأربعة؛ لأنه قدم إلى الحج، ولا يمكن أن ينصرف قبل الحج.

فإذا قال قائل: إقامة النبي هذه الأيام الأربعة هل وقعت اتفاقاً أم قصداً؟

الجواب: أنها وقعت اتفاقاً بلا شك أي أن رحلته صادفت القدوم في اليوم الرابع من ذي الحجة؛ لأنه لم يرد عنه أنه حدد يوماً معيناً للقدوم حتى نقول: إن هذا القدوم وقع عن قصد، لكنه وقع كما يقع للمسافر، فيقدم قبل الحج بيوم أو أقل أو أكثر كما هي العادة.

فإذا قال قائل: ألا يمكن أن نقول: إنه لو أقام خمسة أيام أو أكثر يقصر ما دمتم قلتم: إنه وقع اتفاقاً لا قصداً؟

قلنا: الأصل أن إقامة المسافر في أي مكان تقطع السفر، لأن المعروف أن المسافر يسير ولا ينزل إلا ضحوة أو عشية، أما أن ينزل أكثر من ذلك فإن هذا خلاف الأصل، فالأصل أن المسافر إذا أقام في البلد أو في المكان غير البلد أن إقامته تقطع السفر، ولكن سمح في الأيام الأربعة؛ لأن النبي أقامها وقصر فيبقى ما زاد عليها على الأصل، وهو المنع من الترخص


(١) أخرجه البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب كم أقام النبي في حجته (١٠٨٥)؛ ومسلم، كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج (١٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>