للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكان ذلك مما تتوافر الدواعي على نقله، ولنقل إلينا.

ولو كانت واجبة لصلاها، بل لو كانت جائزة لصلاها، فإذا صلى الإنسان الجمعة وهو في السفر، فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها ظهراً مقصورة؛ لأن المسافر ليس من أهل الجمعة.

فإذا قال قائل: تَرْك النبي للجمعة لا يدل على أنها غير مشروعة؟

فالجواب: بلى؛ لأنها لو كانت مشروعة لكانت عبادة، وهي فريضة واجبة، ولا يمكن أن يدع النبي الواجب، فإذا كان سبب الفعل موجوداً، ولم يفعل الرسول ذلك علم أن فعله يكون بدعة، وقد قال : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ» (١). وهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم (كل شيء سببه موجود في عهد الرسول ، ولم يفعله، فالتَّعبُّد بِهِ بدعة)، فالجمعة في السفر سببها موجود في عهد النبي ، ولكنه لم يفعلها، فإذا فعلها إنسان قلنا له: عملت عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله، فيكون عملاً مردوداً.

أما المسافر في بلد تقام فيه الجمعة، كما لو مرَّ إنسان في السفر ببلد، ودخل فيه ليقيل، ويستمر في سيره بعد الظهر فإنها تلزمه الجمعة؛ لعموم قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩]، وهذا عام، ولم نعلم أن الصحابة الذين يفدون على رسول الله ويبقون إلى يوم الجمعة يتركون صلاة الجمعة، بل إن ظاهر السنة أنهم يصلون مع النبي .

وقالت الظاهرية: إن المسافر تلزمه الجمعة.


(١) سبق تخريجه (١/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>