للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستدلال به؛ وذلك لأن بلوغهم هذا العدد وقع اتفاقاً لا قصداً، فلم يقل: إنهم أمروا أن يجمعوا فلما بلغوا أربعين أقاموا جمعة، فلو كان لفظ الحديث هكذا لكان فيه شيء من الاستدلال.

٢ ـ قال جابر: «مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق جمعة، وأضحى، وفطراً» (١).

لكن هذا الحديث لا يصح، وبهذا يتبين أن دليل المؤلف إما صريح غير صحيح مثل حديث جابر، وإما صحيح غير صريح مثل حديث مصعب بن عمير، والحديث الذي تثبت به الأحكام لا بد أن يكون صحيحاً وصريحاً؛ لأن الضعيف ليس بحجة، وكذا الصحيح غير الصريح يكون محتملاً، ومن القواعد المقررة عند العلماء في الاستدلال «أنه إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال»، وعلى هذا فاشتراط الأربعين لإقامة الجمعة غير صحيح؛ لأن ما بني على غير صحيح فليس بصحيح، ثم يقال: إنه ثبت في صحيح مسلم «أن الصحابة ﵃ لما قدمت العير من الشام إلى المدينة وكانوا في شفقة لقدومها لشدة حاجتهم انفضوا إليها، والنبي ﷺ يخطب، ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً ـ أقل من الأربعين ـ وبقي مقيماً لصلاة الجمعة» (٢).

لكن قالوا: لعل هؤلاء الذين خرجوا رجعوا فوراً قبل أن يمضي النبي ﷺ في خطبته.


(١) أخرجه الدارقطني (٢/ ٤)؛ والبيهقي (٣/ ١٧٧).
وقال البيهقي: تفرد به عبد العزيز القرشي، وهو ضعيف.
(٢) أخرجه مسلم (٨٦٣) عن جابر بن عبد الله ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>