للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه إذا كثر الجمع ضاق النفس، وكثر العرق، وثارت الرائحة الكريهة، فإذا وجد الطيب، وقد سبقه التنظّف، فإن ذلك يخفف من الرائحة؛ ولهذا نهى الرسول من أكل بصلاً أو ثوماً أن يقرب المسجد (١)، وكانوا إذا رأوا إنساناً أكل بصلاً أو ثوماً، أمروا به فأخرج من المسجد إلى البقيع، ومن الأسف أن بعض الناس اليوم يأتي إلى الجمعة، وثيابه وجسمه لهما رائحة كريهة، ثم لا يستطيع أحد أن يصلي إلى جنبه، وليس هذا من عند الله، بل من نفسه، فهو الذي يجلب لنفسه الأوساخ والأدران، ولا يهتم بنفسه، وفي هذا أذية للمصلين، وأذية للملائكة.

بل إن العلماء قالوا: إن ما كان من الله، ولا صنع للآدمي فيه إذا كان يؤذي المصلين فإنه يخرج، كالبخر في الفم، أو الأنف، أو من يخرج من إبطيه رائحة كريهة، فإذا كان فيك رائحة تؤذي فلا تقرب المسجد.

فإن قال: هذا من الله؟ فيقال: إذا ابتلاك الله به فلا تؤذ العباد، ولا تؤذ الملائكة، وأنت مأجور على الصبر على هذا الشيء واحتساب الأجر من الله، ولست آثماً إذا لم تصل مع الناس؛ لأنك إنما تركت ذلك بأمر الله.

فإذا قال: هذا ينقص إيماني؛ لأن صلاة الجماعة أفضل؟

قلنا: إنك لا تلام على هذا النقص؛ كما أن الحائض لا


(١) سبق تخريجه (٤/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>