للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على ذلك: أن النبي قال فيما أخرجه الإمام أحمد: «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً ـ وهذا التشبيه للتقبيح والتنفير ـ والذي يقول له: أنصت، ليست له جمعة» (١)، مع أن الذي يقول له: أنصت، ينهى عن منكر، ومع ذلك يلغو، ومن لغا فلا جمعة له.

ومعنى «ليست له جمعة» أي: لا ينال أجر الجمعة، وليس معناه أن جمعته لا تصح، وأجر الجمعة أكثر من أجر بقية الصلوات.

وكذلك أيضاً جاء في الصحيحين: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت» (٢).

وقوله: «إلا له» أي: للإمام.

وقوله: «أو لمن يكلمه»، أي: لمن يكلم الإمام أو يكلمه الإمام.

قوله: «لمصلحة» قيد للمسألتين جميعاً، وهما من يكلم الإمام أو يكلمه الإمام، فلا يجوز للإمام أن يتكلم كلاماً بلا مصلحة، فلا بد أن يكون لمصلحة تتعلق بالصلاة، أو بغيرها مما يحسن الكلام فيه، وأما لو تكلم الإمام لغير مصلحة، فإنه لا يجوز.

وإذا كان لحاجة فإنه يجوز من باب أولى، فمن الحاجة أن يخفى على المستمعين معنى جملة في الخطبة فيسأل أحدهم عنه، ومن الحاجة أيضاً أن يخطئ الخطيب في آية خطأ يحيل المعنى، مثل: أن يسقط جملة من الآية، أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى.


(١) سبق تخريجه (٣/ ٢٣١).
(٢) أخرجه البخاري (٩٣٤)؛ ومسلم (٨٥١) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>