للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا غسلت الوجه مرَّة، فلا تغسل اليدين مرَّتين وهكذا.

والصَّواب أنَّه لا يُكره؛ فإِنه ثبت أن الرَّسول خالف فغسل الوجه ثلاثاً، واليدين مرَّتين، والرِّجلين مرَّة.

والأفضل أن يأتي بهذا مرَّة، وبهذا مرَّة.

وقد يُقال: إِنَّ النبيَّ توضَّأ مرَّة لبيان الجواز، لا على سبيل التعبُّد باختلاف العبادات، وتوضأ مرَّتين لبيان الجواز أيضاً.

وخَالف كذلك لبيان الجواز. لكن نقول: إِنَّ الأصل التعبُّد والمشروعية.

فالذي يظهر: أن الإِنسان ينوِّعُ، وعلى كلام المؤلِّف: الثَّلاث أفضل من الثِّنتين، والثِّنتان أفضل من الواحدة.

وقد ألغز بعض العلماء بهذه المسألة فقال: لنا سُنَّةٌ هي أفضل من واجب (١)! وقد قال الله ﷿ في الحديث القُدسي: «وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضت عليه» (٢). والتثليثُ في الوُضُوء سُنَّةٌ، وهي أفضل من الغسل مرَّةً مرَّةً وهي واجبةٌ، وابتداء السَّلام سُنَّةٌ، وهو أفضل من ردّه الواجب.

والجواب: أن هذا اللُّغز خطأ من أصله؛ لأن غسل أعضاء الوُضُوء ثلاثاً قد دخل فيه الواجب وزِيد عليه، وأما ابتداء السَّلام فمُناقَشٌ من وجهين:

الأول: أن يُقال: لا نسلِّم أنَّ ابتداءه أفضلُ، بل ردُّه أفضلُ


(١) انظر: «الإِنصاف» (١/ ٢٩٠)، «غذاء الألباب شرح منظومة الأداب» (١/ ٢٨٦).
(٢) رواه البخاري، كتاب الرقاق: باب التواضع، رقم (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>