أما بدر فالمشهور عند المؤرخين أنها في السابع عشر من رمضان، ولكن مع ذلك لا يهمنا أن يصح التاريخ، أو لا يصح، فالذي يهمنا هل كان النبي ﷺ وأصحابه يتخذون مثل هذه الأيام أعياداً؟
الجواب: لا، إذاً إذا اتخذناها نحن أعياداً، فإن مضمون ذلك أحد أمرين:
الأول: أن يكون النبي ﷺ وأصحابه جاهلين ما في هذه الأيام من فضل.
الثاني: أن يكونوا عالمين، ولكنهم لم يظهروا فضلها، وكتموه عن الناس، وكلا الأمرين شر، أي: لو اتهمنا النبي ﷺ وأصحابه بأنهم لم يعلموا فضل هذه الأيام لوصفناهم بالجهل، وكان هؤلاء المتأخرون أعلم منهم بما جعل الله تعالى لهذه المناسبات من الفضل، وإن قلنا: إنهم يعلمون، ولكنهم لم يفعلوا ذلك كتماناً للحق وتلبيساً على الناس لكان هذا أيضاً شراً عظيماً، فكيف يعلم الرسول ﵊ أن لهذه المناسبات أعياداً ثم لا يشرعها للأمة، والله تعالى قد قال له: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة: ٦٧]، فإذا كانت هذه المناسبات العظيمة من ولادة النبي ﵊ وغزوة بدر والمعراج وغيرها، ليس لها أعياد، فما دونها من باب أولى ألاّ يكون لها أعياد، ويكفينا في هذا هدي النبي ﷺ، فإن هدي النبي ﷺ خير الهدي، كما كان ﵊ يعلنه في كل خطبة جمعة يقول: «خير الهدي