للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنار في هذا المقام، يقول: «فلم أرَ يوماً قط أفظع من هذا اليوم» (١)؛ حيث عرضت النار عليه حتى صارت قريبة فتنحى عنها، أي: رجع القهقهرى خوفاً من لفحها (٢)، سبحان الله! فالأمر عظيم! أمر الكسوف ليس بالأمر الهين، كما يتصوره الناس اليوم، وكما يصوره أعداء المسلمين حتى تبقى قلوب المسلمين كالحجارة، أو أشد قسوة والعياذ بالله.

يكسف القمر أو الشمس والناس في دنياهم، فالأغاني تسمع، وكل شيء على ما هو عليه لا تجد إلا الشباب المقبل على دين الله أو بعض الشيوخ والعجائز، وإلا فالناس سادرون لاهون، ولهذا لا يتعظ الناس بهذا الكسوف لا بالشمس ولا بالقمر مع أنه أمر هام، ويجب الاهتمام به.

مسألة: هل من الأفضل أن يخبر الناس به قبل أن يقع؟

الجواب: لا شك أن إتيانه بغتة أشد وقعاً في النفوس، وإذا تحدث الناس عنه قبل وقوعه، وتروضت النفوس له، واستعدت له صار كأنه أمر طبيعي، كأنها صلاة عيد يجتمع الناس لها.

ولهذا لا تجد في الإخبار به فائدة إطلاقاً بل هو إلى المضرة أقرب منه إلى الفائدة.

ولو قال قائل: ألا نخبر الناس ليستعدوا لهذا الشيء؟

فالجواب: نقول: لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، بل إذا وقع ورأيناه بأعيننا فحينئذٍ نفعل ما أمرنا به.


(١) أخرجه البخاري (١٠٥٢)؛ ومسلم (٩٠٧) عن ابن عباس .
(٢) أخرجه مسلم (٩٠٤) عن جابر .

<<  <  ج: ص:  >  >>