للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الروض (١): «وأبيح التوسل بالصالحين»، وهذه عبارة على إطلاقها فيها نظر، ولكنهم يريدون بذلك ﵏: التوسل بدعاء الصالحين؛ لأن دعاء الصالحين أقرب إلى الإجابة من دعاء غير الصالحين.

ودليل هذه المسألة: ما حصل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ حين خرج يستسقي ذات يوم فقال: «اللهم إنا كُنَّا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم قال: قم يا عباس فادع الله فقام فدعا فسقاهم الله» (٢).

والتوسل بدعاء الصالحين مقيد بعدم الفتنة؛ بأن يكون دعاؤه سبباً لفتنته هو، أو لفتنة غيره، فإن خيف من ذلك ترك.

وأما التوسل بالصالحين بذواتهم فهذا لا يجوز؛ وذلك لأن التوسل فعل ما يكون وسيلة للشيء، وذات الصالح ليست وسيلة للشيء، فلا علاقة بين الدعاء، وذات الرجل الصالح.

وكذلك لا يجوز التوسل بجاه الصالحين؛ لأن جاه الصالحين إنما ينفع صاحبه، ولا ينفع غيره.

وأقبح من ذلك أن يتوسل بالقبور، فإن هذا قد يؤدي إلى دعاء أهل القبور والشرك الأكبر.

قوله: «وإن خرج أهل الذمة منفردين عن المسلمين لا بيوم لم يمنعوا»، أهل الذمة هم: الذين بَقُوا في بلادنا، وأعطيناهم العهد


(١) «الروض مع حاشية ابن قاسم» (٢/ ٥٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٠١٠) عن أنس ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>