مرض من بينك وبينه مصاهرة أي: صلة بالنكاح فليس كمن ليس بينك وبينه مصاهرة، وكذلك الذي بينك وبينه مصادقة ليس كمن ليس بينك وبينه مصادقة، فالحقوق هذه تختلف باختلاف الناس.
وقوله:«تسنّ» ظاهره أنَّه سنة في حق جميع الناس، ولكن ليس هذا على إطلاقه؛ فإن عيادة المريض إذا تعينت براً أو صلة رحم صارت واجبة لا من أجل المرض، ولكن من أجل القرابة، فلا يمكن أن نقول لشخص مرض أبوه: إن عيادة أبيك سنة، بل واجبة؛ لأنها يتوقف عليها البر، وكذا عيادة الأخ؛ لأن الوجوب ليس لأجل المرض، ولكن من أجل الصلة في القرابة، أما من لا يعد ترك عيادته عقوقاً أو قطيعة فإن المؤلف يقول: إنه سنة.
وقال بعض العلماء: إنه واجب كفائي أي: يجب على المسلمين أن يعودوا مرضاهم، وهذا هو الصحيح؛ لأن النبي ﷺ جعلها من حق المسلم على المسلم (١)، وليس من محاسن الإِسلام أن يمرض الواحد منا ولا يعوده أحد، وكأنَّه مَرِضَ في برية، فلو علمنا أن هذا الرجل لا يعوده أحد فإنه يجب على من علم بحاله وَقَدِرَ أن يعوده.
وعيادةُ المريض مَعَ كونها من أداء الحقوق على المسلم لأخيه ففيها جلب مودة وألفة لا يتصورها إلا من مرض ثم عاده إخوانه، فإنه يجد من المحبة لهؤلاء الذين عادوه شيئاً كثيراً، فتجده يتذوقها، ويتحدث بها كثيراً، ففيها مع الأجر تثبيتُ الألفةِ بين المسلمين.