للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون» (١)؛ لأنه من عادة الجاهلية أنه عند المصائب يدعون على أنفسهم بالشر، فيقولون: واثبوراه، وانقطاع ظهراه، وما أشبه ذلك من الكلمات المعروفة عندهم، فقال النبي لأهل أبي سلمة: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون»، وإِنَّ دعاءً تؤمِّن عليه الملائكة لحريٌّ بالإِجابة، ولا سيما في هذه الحال التي يكون فيها الإِنسان مصاباً خاضعاً خاشعاً مفتقراً إلى ربه، عارفاً أنه لا ينجيه من هذه المصيبة إلا الله، فيكون حرياً بالإِجابة، ولهذا سُخِّرت الملائكة لتؤمِّن على دعائه، ثم قال النبي : «اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه، واخلفه في عقبه في الغابرين»، دعوات عظيمة خير من الدنيا وما فيها، دعا له بهذه الدعوات الخمس، والأخيرة منها علمت، فإن الله تعالى خلفه في عقبه حيث سخر نبيّه أن يتزوج أم سلمة، ويكون أبناء أبي سلمة ربائب لرسول الله . وما لم نعلمه من المغفرة، ورفع درجته في المهديين، والفسح له في قبره، وتنويره، فإننا نرجو أن يكون كذلك.

وأما النظري: فهو: لدفع تشويه الميت؛ لأنه إذا كان البصر شاخصاً ففيه تشويه، فالذي ينظر إليه يجده مشوهاً، ففي تغميضه إزالة لهذا التشويه.

قال العلماء: وفيه أيضاً حجب الهوام أن تصل إلى حدقة العين، ولكن هذا تعليل بعيد؛ لأن الميت لن يبقى حتى تتسلط


(١) أخرجه مسلم (٩٢٠) عن أم سلمة .

<<  <  ج: ص:  >  >>