للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثوبيه». وهذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، ومن المعلوم أنه واجب كفاية؛ لأنه لا يمكن أن يؤمر كل واحد من الناس أن يكفن الميت، وإنما المقصود أن يحصل الكفن.

وهذا هو الفرق بين فرض الكفاية وفرض العين، ففرض العين مطلوب من كل واحد، وفرض الكفاية المطلوب فيه وجود الفعل.

الثالثة: قوله: «والصلاة عليه»، فالصلاة عليه أيضاً فرض كفاية؛ لأن النبي كان يصلي على الأموات باستمرار، وكان يقول: «صلوا على صاحبكم» (١)، «وأمر أن يصلى على المرأة التي رجمت» (٢)، وقال الله ﷿: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ [التوبة: ٨٤]، فلما نهى عن الصلاة على المنافقين دل على أن الصلاة على المؤمنين شريعة قائمة، وهو كذلك.

الرابعة: قوله: «ودفنه فرض كفاية»، فدفن الميت أيضاً فرض كفاية؛ لأن الله تعالى امتن به على العباد فقال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا *أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا *﴾ [المرسلات]، فكما أنَّ علينا إيواء المضطر في البيوت، وستره فيها عند الضرورة، فكذلك علينا ستر الميت في قبره.

وكذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ *﴾ [عبس]، فإن هذا سيق على سبيل المنة؛ لأن الله أكرمه بدفنه، ولم يجعله كسائر الجيف تلقى في المزابل والأسواق والأفنية، بل أكرمه بدفنه وستره.

إذاً هذه الأربع كلها فرض كفاية، وسيأتي إن شاء الله بالتفصيل كيفية التغسيل، وكيفية التكفين، وكيفية الصلاة، وكيفية الدفن.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٩٨)؛ ومسلم (١٦١٩) (١٤) عن أبي هريرة .
(٢) أخرجه مسلم (١٦٩٥) (١٦٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>