مثاله: أن يغنم مع المجاهدين شيئاً، ويكتمه يريد أن يختص به لنفسه، فهذا قد فعل إثماً عظيماً ـ والعياذ بالله ـ وأتى كبيرة من كبائر الذنوب. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١]. فسوف يأتي بما غله حاملاً إياه على رقبته يوم القيامة، خزياً وعاراً وفضيحة.
ولما كانت المسألة كبيرة ومتعلقة بعموم المسلمين، امتنع النبي ﷺ أن يصلي على الغال، نكالاً لمن يأتي بعده. ولا تسقط الصلاة عن بقية المسلمين، فيجب عليهم أن يصلوا عليه.
ودليل ذلك: ما روى زيد بن خالد ﵁ قال: «توفي رجل من جهينة يوم خيبر فذكر ذلك لرسول الله ﷺ، فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه القوم، فلما رأى ما بهم، قال: إن صاحبكم غلَّ في سبيل الله، ففتشنا متاعه، فوجدنا فيه خرزاً من خرز اليهود لا يساوي درهمين»(١).
قوله:«ولا على قاتل نفسه»، أي: لا يصلي الإمام على قاتل نفسه نكالاً لمن بقي بعده؛ لأن قاتل نفسه ـ والعياذ بالله ـ أتى كبيرة من كبائر الذنوب، وسوف يعذب في جهنم بما قتل به نفسه. فإن قتلها بخنجر ففي يده خنجر في نار جهنم يطعن به نفسه. وإن قتلها بسُم ففي فمه سم يتحسَّاه في النار، وإن
(١) أخرجه أبو داود (٢٧١٠)؛ والنسائي (١٩٦١)؛ وابن ماجه (٢٨٤٨).