للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم» (١).

وظاهر كلام المؤلف: أن صنع الطعام لأهل الميت سنة مطلقاً، ولكن السنة تدل على أنه ليس بسنة مطلقاً، وإنما هو سنة لمن انشغلوا عن إصلاح الطعام بما أصابهم من مصيبة لقوله: «فقد أتاهم ما يشغلهم»، والإنسان إذا أصيب بمصيبة عظيمة انغلق ذهنه وفكره ولم يصنع شيئاً.

فظاهر التعليل: أنه إذا لم يأتهم ما يشغلهم فلا يسن أن يصنع لهم.

ومع ذلك غلا بعض الناس في هذه المسألة غلواً عظيماً لا سيما في أطراف البلاد، حتى إنهم إذا مات الميت يرسلون الهدايا من الخرفان الكثيرة لأهل الميت، ثم إن أهل الميت يطبخونها للناس، ويدعون الناس إليها فتجد البيت الذي أصيب أهله كأنه بيت عرس، فيضيئون في الليل المصابيح الكثيرة، ويصنعون الكراسي المتعددة، وقد شاهدت ذلك بنفسي.

وهذا لا شك أنه من البدع المنكرة، فهل نحن مأمورون عند المصائب أن نأتي بالمسليات الحسية التي تختم على القلب حتى ننسى المصيبة نسيان البهائم؟! نحن مأمورون بأن نتسلى بما أرشدنا الله إليه: «إنا لله وإنا إليه راجعون».


(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٠٥)؛ وأبو داود (٣١٣٢)؛ والترمذي (٩٩٨)؛ وابن ماجه (١٦١٠)؛ والحاكم (١/ ٣٧٢) عن عبد الله بن جعفر . وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».

<<  <  ج: ص:  >  >>