للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن أهل القبور هل هم يخاطبون مخاطبة الحجر أو مخاطبة السامع؟.

الجواب: الظاهر الثاني، أي: «مخاطبة السامع».

وقد ذكر ابن القيم في كتاب الروح (١) حديثاً عن النبي : «ما مسلم يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام»، وقد صححه ابن عبد البر، وأقره ابن القيم عليه، فلا يبعد أن يكون أهل المقبرة عموماً إذا سُلم عليهم يسمعون، ولا نقيسهم بالحجر الأسود؛ لأن الحجر عندنا دلالة حسية ملموسة أنه لا يسمع وهي أنه حجر، وحتى الحجر فإنه قد يسمع أيضاً. قال الله تعالى عن الأرض عموماً: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا *بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا *﴾ [الزلزلة].

«تحدث أخبارها» أي: ما عمل عليها من خير أو شر، سواء قول مسموع أو فعل مرئي فتحدث به يوم القيامة، والجلود تنطق أنطقها الله الذي أنطق كل شيء، فلا تستبعد هذه الأمور؛ لأن قدرة الله ﷿ لا يمكن أن يدركها العقل.

فلا يبعد أنك إذا قلت لأهل المقبرة: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» أنهم يسمعون. وأما قول الله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [النمل: ٨٠] أي موتى القلوب؛ فإن النبي لم يكن يخرج لأهل القبور يدعوهم.


(١) «الروح» ص (٧)، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب «القبور»، وليس في المطبوع منه، وأخرجه ابن عبد البر في «الاستذكار» برقم (١٨٥٨)، وصححه عبد الحق الإشبيلي كما في «إتحاف السادة المتقين» (١٠/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>