ثم يفتن وبالعكس، فتسأل الله ألاَّ يفتنك بعدهم بشبهات تعرض لك، أو بإرادات سيئة، وهي فتنة الشهوات، والإنسان ما دامت روحه في جسده، فهو معرض للفتنة.
يُذكر أن الإمام أحمد ﵀، وهو في سياق الموت يغمى عليه ويُسمع يقول: بعد، بعد، فلما أفاق قيل له: يا أبا عبد الله ما بعد، بعد، قال: رأيت الشيطان أمامي يعض على يديه، يقول: فُتَّنِي يا أحمد، أي: عجزت أن أدركك وأغويك، فأقول: بعد بعد. أي: ما دامت الروح في الجسد، فالإنسان على خطر، ويدل لهذا قول النبي ﷺ:«إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيصدق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها»(١).
ولهذا أوصي نفسي وإياكم أن نسأل الله دائماً الثبات على الإيمان وأن تخافوا؛ لأن تحت أرجلكم مزالق، فإذا لم يثبتكم الله ﷿ وقعتم في الهلاك، واسمعوا قول الله ﷾ لرسوله ﷺ أثبت الخلق وأقواهم إيماناً: ﴿ولَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً *﴾، أي: تميل ميلاً قليلاً، ولو فعلت ذلك ﴿لأََذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٧٤ ـ ٧٥].
فإذا كان هذا للرسول ﷺ فما بالنا نحن؛ ضعفاء الإيمان، واليقين، وتعترينا الشبهات، والشهوات؛ فنحن على خطر عظيم. فعلينا أن نسأل الله تعالى الثبات على الحق، وألاَّ يزيغ قلوبنا.