وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١] فرتب ثبوت الأخوة على هذه الأوصاف الثلاثة: إن تابوا من الشرك، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، ولا يمكن أن تنتفي الأخوة في الدين إلا إذا خرج الإنسان من الدين، أما إذا فعل الكبائر فهو أخ لنا، فالقاتل عمداً قال الله فيه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨].
فقال ﷾: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي: المقتول، والضمير يعود على القاتل، فجعل الله المقتول أخاً للقاتل.
وقال الله ـ تعالى ـ في المقتتلين من المؤمنين: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات: ١٠].
مع أن قتل المؤمن وقتاله من كبائر الذنوب، فلا يمكن أن تنتفي الأخوة في الدين إلا بكفر، فدل على كفر تارك الزكاة.
ولا شك أن هذا القول له وجه جيد في الاستدلال بهذه الآية، لكن دل حديث أبي هريرة ﵁ الثابت في صحيح مسلم على أن الزكاة ليس حكمها حكم الصلاة.
حيث ذكر النبي ﷺ مانع زكاة الذهب والفضة، وذكر عقوبته، ثم قال:«ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار»(١)، ولو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة.
فإذا قال قائل: إذا خصصتم آية التوبة بالنسبة لتارك الزكاة،
(١) أخرجه مسلم في الزكاة/ باب إثم مانع الزكاة (٩٨٧) عن أبي هريرة ﵁.