للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: قوله تعالى: ﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ هذا في حق المكلفين؛ لأن التطهير والتزكية يكون من الذنوب؟

فيقال: هذا بناء على الأغلب؛ فالزكاة تجب غالباً في أموال المكلفين فيحتاجون إلى تطهير، على أن الصبي ـ ولا سيما المميز ـ يحتاج لتطهير، لما قد يحصل منه إخلال بالآداب، فإن أخذ الزكاة منه مطهر له ومنمٍّ لإيمانه وأخلاقه الفاضلة.

٢ ـ قول النبي حين بعث معاذاً إلى اليمن: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم» (١) فجعل محل الزكاة المال.

٣ ـ ولأن الزكاة حق الآدمي، فاستوى في وجوب أدائه المكلف وغير المكلف، كما لو أتلف الصغير مال إنسان فإننا نلزمه بضمانه مع أنه غير مكلف.

وهذا القول هو مذهب الإمام أحمد وخالف أبو حنيفة في هذا.

فإذا قال قائل: إذا أوجبنا الزكاة في مال الصبي والمجنون فهذا يؤدي إلى نقصه، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢، الإسراء: ٣٤].

فالجواب: هذا النقص هو في الحقيقة كمال وزيادة؛ لأن الزكاة تطهر وتنمي المال فهي وإن نقصته حساً، لكنها كمال وزيادة معنى، فالزكاة من قربانه بالتي هي أحسن.


(١) سبق تخريجه ص (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>