فتجرُّ بالمجاورة. ومنه قول العرب:«هذا جُحر ضَبٍّ خَرِبٍ» بجرِّ خَربٍ، مع أنَّه صِفةٌ لجُحر المرفوع، ومقتضى القواعد رفع خَرب، لأن صفة المرفوع مرفوع، ولكن العرب جرَّته على سبيل المجاورة (١).
الثاني: أن قراءة النَّصب دلَّت على وجوب غسل الرِّجلين.
وأما قراءة الجر؛ فمعناها: اجعلوا غسلكم إِيَّاها كالمسح، لا يكون غسلاً تتعبون به أنفسكم؛ لأن الإِنسان فيما جرت به العادة قد يكثر من غسل الرِّجلين ودلكها؛ لأنَّها هي التي تباشر الأذى، فمقتضى العادة أن يزيد في غسلها، فقُصدَ بالجرِّ فيما يظهر كَسْرُ ما يعتادهُ النَّاسُ من المبالغة في غسل الرِّجلين؛ لأنهما اللتان تلاقيان الأذى.
الثالث: أن القراءتين تُنزَّلُ كلُّ واحدة منهما على حال من أحوال الرِّجل، وللرِّجل حالان:
الأولى: أن تكونَ مكشوفةً، وهنا يجب غسلها.
الثانية: أن تكونَ مستورةً بالخُفِّ ونحوه فيجب مسحُها.
فتُنَزَّل القراءتان على حالَيْ الرِّجْل، والسُّنَّةُ بيَّنت ذلك، وهذا أصحُّ الأوجه وأقلُّها تكلُّفاً، وهو متمشٍّ على القواعد، وعلى ما يُعرَفُ من كتاب الله تعالى حيث تُنزَّلُ كلُّ قراءة على معنى يناسبها.
(١) وردَّه ابنُ خالويه بأن هذا يُستعمل في الشعر والأمثال للاضطرار، والقرآن لا اضطرار فيه. «الحجَّة» ص (١٢٩).