للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجواز، فهل الجوازُ مُنْصَبٌّ على بيان المدَّة، أو على بيان الحكم؟

إن كان على بيان المدَّة فلا إِشكال فيه، يعني: أن الجواز متعلِّق بهذه المدَّة.

وإِن كان مُنْصَباً على بيان الحكم فقد يكون فيه إِشكال، وهو أنَّ المسحَ على الخُفَّين للابسهما سُنَّةٌ، وخلْعُهما لغسلِ الرِّجلِ بدعة خلاف السُّنَّة.

لكن قد يُجابُ عن هذا الإشكال بأن نقول: إِن المؤلِّفَ عبَّر بالجواز دفعاً لقول من يقول بالمنع، وهذا لا يُنافي أن يكون مشروعاً، والعلماءُ يعبِّرون بما يقتضي الإِباحة في مقابلة من يقول بالمنع، وإن كان الحكم عندهم ليس مقصوراً على الجواز، بل هو إِما واجب، أو مستحبٌّ.

ونظيرُ ذلك: قول بعضهم: ولمن أحرم بالحجِّ مفرداً ولم يُسقِ الهدي أن يفسخه لعمرة ليكونَ متمتِّعاً (١).

فالتعبير باللام الدالَّة على الجواز في مقابل من منع ذلك؛ لأنَّ بعض العلماء يقول بعدم الجواز؛ لأن هذا من إبطال العمل.

وقوله: «لمقيم» يشمل المستوطن والمقيمَ؛ لأن الفقهاء يرون أن النَّاس لهم ثلاث حالات:

إحداها: الإقامة.

الثانية: الاستيطان.

الثالثة: السَّفر.

ويُفرِّقون في أحكام هذه الأحوال.

والصَّحيح: أنَّه ليس هناك إلا استيطان أو سفر، وهذا اختيار شيخ الإسلام (٢)، وأن الإقامة باعتبارها قسماً ثالثاً ينفرد بأحكام خاصَّة لا توجد في الكتاب، ولا في السُّنَّة.

والإِقامة عند الفقهاء: هي أن يقيمَ المسافرُ إقامةً تمنع القصْرَ ورُخَصَ السَّفرِ؛ ولا يكون مستوطناً، وعلى هذا فإِنه مقيم، فلا


(١) انظر: «الإقناع» (١/ ٥٦٣).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١٣٦، ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>