فقال له النبي ﷺ:«أما إنه كذبك وسيعود» كذبك يعني أخبرك بالكذب.
يقول أبو هريرة: فترقبته في الليلة الثانية، فعاد وأمسكه أبو هريرة ﵁، وقال له: لأرفعنك إلى رسول الله ﷺ، فأقسم له أنه لن يعود، فأخبر أبو هريرة ﵁ النبي ﷺ بما حدث في الليلة الثانية فقال له النبي ﷺ:«ما فعل أسيرك البارحة؟» فأخبره أبو هريرة ﵁ أنه أعتقه، فقال له النبي ﷺ:«أما إنه كذبك وسيعود» وفي الليلة الثالثة عاد، وأمسكه أبو هريرة ﵁ فأقسم له أنه لن يعود، ولكن أبا هريرة ﵁ أصر على أن يرفعه إلى النبي ﷺ، فقال له: هل أدلك على شيء يحفظك؟ فقال أبو هريرة ﵁ بلى، فقال له: اقرأ آية الكرسي كل ليلة فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فأخبر أبو هريرة ﵁ النبي ﷺ بذلك فقال النبي ﷺ:«صدقك وهو كذوب»(١).
وفي هذا الحديث دليل على أن الكذوب قد يصدق، وأن العدو قد ينصح، لكن نصح الشيطان في هذه الحال ليس نصحاً حقيقياً، وإنما نصح خوفاً من أن يرفع أمره إلى النبي ﷺ.
والشاهد من ذلك أن الرسول ﵊ أجاز هذا التصرف من أبي هريرة ﵁ وجعله مجزئاً مع أن
(١) أخرجه البخاري في الوكالة/ باب إذا وكل رجلاً … (٢٣١١) معلقاً بصيغة الجزم.