وقوله:«فيفرقها»: بالرفع؛ لأن الفاء هنا استئنافية، وليست عاطفة، والمراد به من عليه الزكاة.
وقوله:«في أقرب البلاد إليه»: وجه ذلك أنه عدم المستحق في الموضع الذي يجب فيه دفع الزكاة فسقط الوجوب فيه، فيفرقها في أقرب البلاد إليه؛ لأن الأقربين أحق من الأباعد، وكما لو قطعت الكف فإنه يسقط السجود عليه في حال الصلاة؛ لأن المحل الذي يجب السجود عليه قد زال، ويحتمل أن نقول: يجب عليه أن يضع طرف الذراع على الأرض؛ لأن المقصود هو الخضوع لله ﷿.
وظاهر قول المؤلف:«يفرقها في أقرب البلاد إليه» وجوب ذلك، وهذا الذي مشى عليه الأصحاب.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا تعذر في بلده فإنه يفرقها حيث شاء؛ لأنه سقط الأصل، وإذا سقط الأصل لم يتعين شيء، ولأن أهل البلد أغنياء لا تتعلق أطماعهم بالمال، وغير أهل البلد لا يعلمون عنه شيئاً، ونظير ذلك أن المرأة المحد يلزمها البقاء في بيتها، فإذا جاز لها الانتقال عن البيت لضرورة فإنها تعتد حيث شاءت، ولا يلزمها أن تعتد في أقرب بيت إلى بيتها الأول.
وقال بعضهم: تكون في أقرب بيت إلى بيتها الأول، كالزكاة إذا تعذر المكان الأصلي صرفت في أقرب بلد.
والمذهب يفرقون بين المسألتين فالحاد تعتد حيث شاءت، وفي مسألة الزكاة إذا لم يكن في البلد فقراء تفرق في أقرب البلاد، وسبق أن قلنا: إن الراجح في هذه المسألة أنه يجوز نقلها للحاجة أو للمصلحة.