للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى من حاجيات الإنسان، ونظير هذا أن يقال: تصدق ولو من دراهم نفقتك ونفقة عيالك، فإن هذا لا يدل على انتفاء وجوب الزكاة في هذه الدراهم (١).

فإن قيل: إن في لفظ الحديث: «وفي الرقة في مائتي درهم ربع العشر» (٢) وفي حديث علي : «وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً» (٣) والرقة «هي الفضة المضروبة سِكَّة، وكذلك الدينار هو السِّكَّة»، وهذا دليل على اختصاص وجوب الزكاة بما كان كذلك والحلي ليس منه.

فالجواب من وجهين:

أحدهما: أن الذين لا يوجبون زكاة الحلي، ويستدلون بمثل هذا اللفظ لا يخصون وجوب الزكاة بالمضروب من الذهب والفضة، بل يوجبونها في التبر ونحوه وإن لم يكن مضروباً، وهذا تناقض منهم وتحكم، حيث أدخلوا فيه ما لا يشمله اللفظ على زعمهم، وأخرجوا منه نظير ما أدخلوه من حيث دلالة اللفظ (٤) عليه، أو عدمها.


(١) ذكرنا في أول الرسالة أننا سنجيب على أدلة القائلين بعدم الوجوب عرضاً، فهنا استدل القائلون بعدم الوجوب بأن الرسول قال: «تصدقن ولو من حليكن» فجعل الصدقة المأمور بها، وهي تطوع جعلها مضرباً والجواب، أن يقال: إن الأمر بالصدقة من الحلي لا يدل على إثبات وجوب الزكاة في الحلي، ولا على نفيه، كما تقول: «تصدق ولو من ثيابك» فهذا من باب المبالغة أنك تتصدق ولو من حاجياتك، فلو قلت: تصدق من دراهم نفقتك، فهل يعني ذلك أن الدراهم لا تجب فيها الزكاة؟
الجواب: لا؛ لأن وجوب الزكاة فيها من وجه آخر، كذلك هذا الحلي وجوب الزكاة فيه من وجه آخر غير هذا الدليل، فهذا الدليل لا يدل على النفي ولا على الإثبات، إنما يدل على الأمر بالصدقة والحث عليها حتى فيما يحتاجه الإنسان.
(٢) سبق تخريجه ص (٣١).
(٣) سبق تخريجه ص (٩٧).
(٤) ما هو الذي لا يشمله اللفظ في زعمهم؟. الجواب: التبر ونحوه، يقولون في التبر: تجب فيه الزكاة مع أنهم يستدلون بنفي الزكاة في الحلي بقوله: «في الرقة، والدينار» فنقول: أنتم أوجبتم الزكاة في التبر مع أنه ليس رقة ولا ديناراً على كلامكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>