للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجوب القضاء في هذه المسألة ـ أي: ما إذا قامت البينة أثناء النهار ـ هو قول عامة العلماء، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: يلزمهم الإمساك ولا يلزمهم القضاء ووجه ذلك أن أكلهم وشربهم قبل قيام البينة كان مباحاً، قد أحله الله لهم فلم ينتهكوا حرمة الشهر، بل كانوا جاهلين بنوا على أصل وهو بقاء شعبان فيدخلون في عموم قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ فهم كمن أكل ظاناً بقاء الليل فتبين أن الفجر قد طلع، أو أكل ظاناً غروب الشمس فتبين أنها لم تغرب وقد ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر ﵄، قالت: أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي ﷺ ثم طلعت الشمس (١)، ولم ينقل أنهم أمروا بالقضاء.

وأجاب ﵀ عن كونهم لم ينووا قبل الفجر بأن النية تتبع العلم ولا علم لهم بدخول الشهر، وما ليس لهم به علم فليس بوسعهم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولهذا لو أخروا النية بعد علمهم بدخول الشهر لم يصح صومهم.

وتعليله وجوابه ﵀ قوي ولكن لا تطيب النفس بقوله، وقياسه على من أكل يظن بقاء الليل أو غروب الشمس، فيه نظر؛ لأن هذا كان عنده نية للصوم لكن أكل يظن الليل باقياً أو يظنه داخلاً، ولهذا كان الخلاف في المسألتين أشهر من الخلاف في المسألة الأولى.


(١) أخرجه البخاري في الصوم/ باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس (١٩٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>