للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات» (١) يعني أنه لا عمل بلا نية، حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملاً بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق، يعني لو قال الله لنا توضؤوا بلا نية، أو صلوا بلا نية، أو صوموا بلا نية، أو حجوا بلا نية، لكان هذا من تكليف ما لا يطاق، فمن يطيق أن يفعل فعلاً مختاراً، ولا ينوي؟

وبذلك نعرف أن ما يحصل لبعض الناس من الوسواس؛ حيث يقول: أنا ما نويت! أنه وهم لا حقيقة له، وكيف يصح أنه لم ينو وقد فعل.

وذكروا عن ابن عقيل وهو من المتكلمين والفقهاء، أنه جاءه رجل فقال له: يا شيخ إنني أغتسل في نهر دجلة، ثم أخرج وأرى أنني لم أطهر؟ فقال له ابن عقيل: لا تصل، فقال: كيف؟ قال: نعم، لأن النبي قال: «رفع القلم عن ثلاثة … عن المجنون حتى يفيق» (٢) وأنت تذهب إلى دجلة، وتنغمس فيه، وتغتسل من الجنابة، ثم تخرج وترى أنك ما تطهرت هذا الجنون، فارتدع الرجل عن هذا.

فإن قيل: ما هي النية؟

فالجواب النية تختلف، ولهذا قال النبي : «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» وبهذا التقرير يتبين أن الجملتين في الحديث ليس معناهما واحداً.

وقوله: «ويجب تعيين النية» أفادنا بهذه العبارة أن النية


(١) سبق تخريجه ص (٤١).
(٢) سبق تخريجه ص (٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>