لكن قد يقول قائل: إن العلة في تفطير الصائم بالأكل والشرب ليست مجرد التغذية، وإنما هي التغذية مع التلذذ بالأكل والشرب، فتكون العلة مركبة من جزأين:
أحدهما: الأكل والشرب.
الثاني: التلذذ بالأكل والشرب؛ لأن التلذذ بالأكل والشرب مما تطلبه النفوس، والدليل على هذا أن المريض إذا غذي بالإبر لمدة يومين أو ثلاثة، تجده في أشد ما يكون شوقاً إلى الطعام والشراب مع أنه متغذٍ.
فإن قيل: ينتقض قولكم إن العلة مركبة من جزأين إلى آخره أن السعوط مفطر مع أنه لا يحصل به تلذذ بالأكل والشرب. فالجواب أن الأنف منفذ معتاد لتغذية الجسم، فألحق بما كان عن طريق الفم.
وبناء على هذا نقول: إن الحقنة لا تفطر مطلقاً، ولو كان الجسم يتغذى بها عن طريق الأمعاء الدقيقة.
فيكون القول الراجح في هذه المسألة قول شيخ الإسلام ابن تيمية مطلقاً، ولا التفات إلى ما قاله بعض المعاصرين.
ومن الحقن المعروفة الآن ما يوضع في الدبر عند شدة الحمى، ومنها أيضاً ما يدخل في الدبر من أجل العلم بحرارة المريض وما أشبه ذلك، فكل هذا لا يفطر.
ثم لدينا قاعدة مهمة لطالب العلم، وهي أننا إذا شككنا في الشي أمفطر هو أم لا؟ فالأصل عدم الفطر، فلا نجرؤ على أن