للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمذهب أن خروج المذي مفسد للصوم كالمني، أي: إذا استمنى فأمذى، أو باشر فأمذى فإنه يفسد صومه، والذين يقولون لا يفسد بالمني يقولون لا يفسد بالمذي من باب أولى، والذين يقولون إن الصوم يفسد بالمني اختلفوا في المذي على قولين:

فالمذهب أنه يفطر، ولا دليل له صحيح، والصحيح القول الثاني أنه لا يفطر؛ لأن المذي دون المني لا بالنسبة للشهوة ولا بالنسبة لانحلال البدن، ولا بالنسبة للأحكام الشرعية حيث يخالفه في كثير منها بل في أكثرها أو كلها، فلا يمكن أن يلحق به.

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والحجة فيه عدم الحجة، أي عدم الحجة على إفساد الصوم به؛ لأن هذا الصوم عبادة شرع فيها الإنسان على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل.

قوله: «أو كرر النظر فأنزل» يعني فإنه يفسد صومه، وتكرار النظر يحصل بمرتين، فإن نظر نظرة واحدة فأنزل لم يفسد صومه لقول النبي : «لك الأولى وليست لك الثانية» (١)، ولأن الإنسان لا يملك أن يجتنب هذا الشيء، فإن بعض الناس يكون


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٥١)؛ وأبو داود في النكاح/ باب في ما يؤمر به من غض البصر (٢١٤٩)؛ والترمذي في الأدب/ باب ما جاء في نظرة الفجاءة (٢٧٧٧)؛ والحاكم (٢/ ١٩٤)، عن بريدة ولفظه: «وليست لك الآخرة».
وقال الترمذي: «حسن غريب»، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي وحسنه الألباني في «غاية المرام» (١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>