للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضد العلم الجهل، والجهل ينقسم إلى قسمين:

١ ـ جهل بالحكم الشرعي، أي: لا يدري أن هذا حرام.

٢ ـ جهل بالحال، أي: لا يدري أنه في حال يحرم عليه الأكل والشرب، وكلاهما عذر.

والدليل لذلك قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] وإذا انتفت المؤاخذة انتفى ما يترتب عليها، وهذا دليل عام.

وهناك دليل خاص في هذه المسألة للنوعين من الجهل:

أما الجهل بالحكم، فدليله حديث عدي بن حاتم ﵁ «أنه أراد أن يصوم وقرأ قول الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] فأتى بعقال أسود، ـ حبل تربط به يد البعير ـ وأتى بعقال أبيض، وجعلهما تحت وسادته، وجعل يأكل وينظر إلى الخيطين حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود» فهذا أخطأ في فهم الآية؛ لأن المراد بها أن الخيط الأبيض بياض النهار، والأسود سواد الليل، فلما جاء إلى النبي ﷺ أخبره قال له: «إن وسادك لعريض أن وسع الخيط الأبيض والأسود» (١) ولم يأمره بالقضاء؛ لأنه جاهل لم يقصد مخالفة الله ورسوله (ص)، بل رأى أن هذا حكم الله ورسوله ﷺ فعذر بهذا.


(١) أخرجه البخاري في التفسير/ باب ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ (٤٥٠٩)؛ ومسلم في الصيام/ باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر (١٠٩٠) عن عدي بن حاتم ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>