بل أذن لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي ولدها (١).
فإذا قال قائل: ما الدليل على الوجوب عليها؟ أليس الأصل براءة الذمة؟
فالجواب: الدليل على ذلك أن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام إلا بدليل، ولهذا لو أن رجلاً قذف رجلاً بالزنى لجلد ثمانين جلدة إذا لم يأت بالشهود، مع أن الآية في النساء ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤].
فالمرأة مسكوت عنها فهي قضية عين لا يمكن أن تستدل بها على انتفاء الوجوب في حق المرأة، ولا على الوجوب ولكن القياس يقتضي أن تكون مثله، فإذا كان الفعل واحداً وكان موجباً لحد الزنى على المرأة، والحد كفارة للزاني فإنه يلزم أن يكون موجباً للكفارة هنا، كما يجب على الزوج وهذا هو الأقرب من أقوال أهل العلم، وبعض العلماء يقول لا كفارة عليها للسكوت عنها في الحديث، وبعضهم يقول: إذا أكرهت فكفارتها على الزوج لأنه هو الذي أكرهها، ولكن الصواب أنها إذا أكرهت لا شيء عليها.
فإذا قال قائل: ظاهر كلام المؤلف أنه لو كان الرجل هو المعذور بجهل أو نسيان فإنّ الكفارة لا تسقط عنه؟
قلنا: نعم هذا ظاهر قوله؛ لقوله:«أو كانت المرأة معذورة» ففهم منه أنه لو كان الرجل هو المعذور فإنّ الكفارة لا تسقط عنه، وهذا المشهور من المذهب.
(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب من أجرى الأمصار على ما يتعارفون بينهم … (٢٢١١)؛ ومسلم في الأقضية/ باب قضية هند (١٧١٤) عن عائشة ﵂.