وهذا القول وإن كان له حظ من النظر والقوة، لكن لا تنبغي الفتيا به؛ لأنه لو أفتي به لانتهك الناس حرمات الشهر كله، لكن لو رأى المفتي الذي ترجح عنده عدم تكرر الكفارة مصلحة في ذلك، فلا بأس أن يفتي به سراً، كما يصنع بعض العلماء فيما يفتون به سراً كالطلاق الثلاث.
المسألة الثانية: إذا جامع في يوم واحد مرتين، فإن كفر عن الأول لزمه كفارة عن الثاني، وإن لم يكفر عن الأول أجزأه كفارة واحدة؛ وذلك لأن الموجَب والموجِب واحد، واليوم واحد، فلا تتكرر الكفارة.
ومذهب الأئمة الثلاثة وهو قول في المذهب لا يلزمه عن الثاني كفارة؛ لأن يومه فسد بالجماع الأول، فهو في الحقيقة غير صائم، وإن كان يلزمه الإمساك، لكن ليس هذا الإمساك مجزئاً عن صوم، فلا تلزمه الكفارة؛ لأن الكفارة تلزم إذا أفسد صوماً صحيحاً، وهذا القول له وجه من النظر أيضاً.
مثاله: رجل جامع في أول النهار بعد طلوع الشمس بربع ساعة، ثم كفر بعتق رقبة، ثم جامع بعد الظهر، فعلى المذهب يلزمه كفارة ثانية؛ لأنه كفر عن الأولى، وهو الآن وإن كان ليس صائماً صوماً شرعياً لكنه يلزمه الإمساك، وعلى القول الثاني لا تلزمه الكفارة؛ لأن الجماع لم يرد على صوم صحيح، وإنما ورد على إمساك فقط، وإذا تأملت المسألة وجدت أن القول الثاني أرجح وأنه لا يلزمه بعد أن أفسد صومه كفارة؛ لأنه ليس صائماً الآن، أما الإمساك فيلزمه الإمساك؛ لأن كل من أفطر لغير عذر حرم عليه أن يستمر في فطره.