الصائم طعاماً كالتمر والخبز والمرق، إلا إذا كان لحاجة فلا بأس؛ ووجه هذا أنه ربما ينزل شيء من هذا الطعام إلى جوفه من غير أن يشعر به، فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم، وأيضاً ربما يكون مشتهياً الطعام كثيراً، ثم يتذوقه لأجل أن يتلذذ به، وربما يمتصه بقوة، ثم ينزل إلى جوفه.
والحاجة مثل أن يكون طباخاً يحتاج أن يذوق الطعام لينظر ملحه، أو حلاوته أو يشتري شيئاً من السوق يحتاج إلى ذوقه، أو امرأة تمضغ لطفلها تمرة، وما أشبه ذلك.
قوله:«ومضغ علك قوي» أي: يكره للصائم أن يمضغ علكاً قوياً، والقوي هو الشديد الذي لا يتفتت؛ لأنه ربما يتسرب إلى بطنه شيء من طعمه إن كان له طعم.
فإن لم يكن له طعم فلا وجه للكراهة، ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يمضغه أمام الناس؛ لأنه يساء به الظن إذا مضغه أمام الناس فما الذي يدريهم أنه علك قوي أو غير قوي، أو أنه ليس فيه طعم أو فيه طعم وربما يقتدي به بعض الناس، فيمضغ العلك دون اعتبار الطعم، وعلل ذلك في الروض بأنه يجلب البلغم، ويجمع الريق، ويورث العطش (١)، فهذه ثلاث علل.
قوله:«وإن وجد طعمهما في حلقه أفطر» أي: وجد طعم الطعام الذي ذاقه ولو لحاجة، وطعم العلك القوي في حلقه أفطر، أي: فسد صومه، وهذا يعم صيام الفرض والنفل.