للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفراده، وأما جمعه، مع الجمعة، فلا بأس؛ لقول النبي لجويرية: «أتصومين غداً؟» فدل هذا على أن صومه مع الجمعة لا بأس به، وهذه المسألة قد يلغز بها فيقال: يومان إن أفرد أحدهما بالصوم كره، وإن اجتمعا فلا كراهة؟ مع أن الذي يتبادر أن المكروه إذا ضم إلى مكروه ازدادت الكراهة، لكن هذا إذا ضم المكروه إلى مكروه زالت الكراهة، فيجاب أن الكراهة هي الإفراد، فإذا صام الجميع فلا كراهة، فإن قيل حديث النهي عن صوم السبت عام ليس فيه تفصيل، فالجواب أنه إذا ورد ما يخصص العام وجب العمل به، وقد ورد ما يدل على جواز صومه مع الجمعة وهذا تخصيص.

قوله: «والشك» أي: يكره صوم يوم الشك، ويوم الشك هو ليلة الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال كغيم وقتر.

وقيل: هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كانت السماء صحواً.

والأول أرجح؛ لأنه إذا كانت السماء صحواً وتراءى الناس الهلال ولم يروه لم يبق عندهم شك أنه لم يهل، والشك يكون إذا كان هناك ما يمنع رؤية الهلال، ولكن لما كان فقهاؤنا يرون أنه إذا كان ليلة الثلاثين، وحال ما يمنع رؤيته من غيم أو قتر يجب صومه، حملوا الشك على ما إذا كانت السماء صحواً، وهذه آفة يلجأ إليها بعض العلماء، وسبب هذه الآفة أن الإنسان يعتقد قبل أن يستدل، وهذا خطأ، والواجب أن تجعل اعتقادك تابعاً للدليل، فتستدل أولاً، ثم تحكم ثانياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>