للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابة أولى وهذه قبل خلق السموات والأرض، بخمسين ألف سنة في اللوح المحفوظ، وهذه كتابة لا تتغير ولا تتبدل لقول الله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ *﴾ [الرعد] أي: أصله الذي هو مرجع كل ما يكتب.

الكتابة الثانية عُمُرية، فيكتب على الجنين عمله، ومآله، ورزقه، وهو في بطن أمه، كما ثبت هذا في الحديث الصحيح حديث ابن مسعود المتفق عليه (١).

الكتابة الثالثة، الكتابة السنوية، وهي التي تكون ليلة القدر، ودليل هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ *فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ *﴾ [الدخان] يفرق، أي: يفصل ويبين كل أمر حكيم، وأمر الله كله حكيم.

وقيل: سميت ليلة القدر، من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ *﴾ [القدر].

وقيل: لأن للقيام فيها قدراً عظيماً، لقول النبي : «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (٢) وهذا لا يحصل في قيام ليلة سوى ليلة القدر، فلو أن الإنسان قام ليلة الاثنين والخميس أو غيرهما، في أي شهر لم يحصل له هذا الأجر.


(١) أخرجه البخاري في بدء الخلق/ باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم (٣٢٠٨)؛ ومسلم في القدر/ باب كيفية خلق الآدمي … (٢٦٤٣).
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان/ باب قيام ليلة القدر من الإيمان (٣٥)؛ ومسلم في الصلاة/ باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (٧٦٠) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>